الرئيسية » قالوا


Hostings

قال ابن القيم:

"الفراسة الخَلْقية"، وهي التي صنف فيها الأطباء وغيرهم، واستدلوا بالخَلْق على الخُلُق؛ لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله، كالاستدلال بصغر الرأس الخارج عن العادة على صغر العقل، وبكبره وبسعة الصدر وبعد ما بين جانبيه: على سعة خُلُق صاحبه واحتماله وبسطته، وبضيقه على ضيقه، وبخمود العين وكلال نظرها على بلادة صاحبها وضعف حرارة قلبه، وبشدة بياضها مع إشرابه بحمرة، وهو الشكل، على شجاعته وإقدامه وفطنته، وبتدويرها مع حمرتها وكثرة تقلبها على خيانته ومكره وخداعه.  ومعظم تعلق الفراسة بالعين؛ فإنها مرآة القلب وعنوان ما فيه، ثم باللسان؛ فإنه رسوله وترجمانه، وبالاستدلال بزرقتها مع شقرة صاحبها على رداءته ، وبالوحشة التي ترى عليها على سوء داخله وفساد طويته.  وكالاستدلال بإفراط الشعر في السبوطة على البلادة، وبإفراطه في الجعودة على الشر، وباعتداله على اعتدال صاحبه.  وأصل هذه الفراسة: أن اعتدال الخلقة والصورة : هو من اعتدال المزاج والروح ، وعن اعتدالها يكون اعتدال الأخلاق والأفعال ، وبحسب انحراف الخلقة والصورة عن الاعتدال: يقع الانحراف في الأخلاق والأعمال، هذا إذا خليت النفس وطبيعتها.لكن صاحب الصورة والخِلقة المعتدلة يكتسب بالمقارنة والمعاشرة أخلاق من يقارنه ويعاشره ، ولو أنه من الحيوان البهيم! فيصير من أخبث الناس أخلاقاً وأفعالاً، وتعود له تلك طباعاً ويتعذر أو يتعسر عليه الانتقال عنها.  كذلك صاحب الخِلقة والصورة المنحرفة عن الاعتدال يكتسب بصحبة الكاملين بخلطتهم أخلاقاً وأفعالاً شريفةً تصير له كالطبيعة؛ فإن العوائد والمزاولات تعطي الملكات والأخلاق.  فليُتأمل هذا الموضع، ولا يعجل بالقضاء بالفراسة دونه؛ فإن القاضي حينئذ يكون خطؤه كثيراً؛ فإن هذه العلامات أسباب لا موجبة ، وقد تتخلف عنها أحكامها لفوات شرط، أو لوجود مانع.

 

جاء في - مدارج السالكين:

هذا النوع من الفراسة وتلك القراءة للوجه فيها حق وباطل، وخطأ وصواب، وما يذكرونه من صفات لخلقة معينة للوجه لا يلزم أن يكون صحيحاً مطلقاً، وأظهر خطأ فيها: أنهم يجعلون صاحب الخلقة المعينة يلزم أخلاقاً وأوصافاً لا تتغير! وهذا باطل قطعاً، فالكافر يسلم ، والنشيط يكسل ، والغني يفتقر، والعاصي يتوب، والقلق يهنأ، والمكروب يزول كربه، واعكس ذلك كله، وأضف إلى القائمة ما شئت من أوصاف وأخلاق وفعال، وهذا مشاهد مجرَّب معروف.

فقد تبين أن الفراسة إما أنها تتعلق بالإيمان والبصيرة، وهذه لا سبيل لتعلمها، بل هي نور يقذفه الله في قلب عبده المؤمن، والنوع الآخر قواعد استقرائية يمكن تعلمها، ويشترك فيها المسلم والكافر، وفيها خطأ وصواب، ولا يُبنى عليها علم قطعي، بل هي أمارات ودلائل، ربما لا تبلغ درجة الظن الراجح في كثير من أحوالها.

Hostings

وأما ترويجها بين الناس، وأكل أموالهم بها: فهو نوع من الكهانة الجديدة التي كثرت صورها في هذه الأيام، وتحيل المنتفعون بها لأكل أموال الناس بالباطل

Hostings

صفحة من كتاب الرازي يكتب فيها العلاقة بين بعض الصفات الجسدية وشخصية الإنسان

Server IP: 16.162.17.243

Request IP: 54.38.85.37